للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة: ١] الاية، وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى من حوله من الأعراب فجلبهم، وهم: أسلم، وغفار ومزينة، وجهينة، وأشجع، فمنهم من وافاه بالمدينة، ومنهم من لحقه بالطريق، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، وقد أهدر صلّى الله عليه وسلّم دم سارة حاملة كتاب حاطب بعد الفتح.

ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المدينة لعشرة مضت من رمضان ومعه المهاجرون والأنصار، عامدا إلى مكة، فكان جيشه عشرة الاف، فصام وصام الناس معه، حتى إذا كان «بالكديد» «١» وهو الماء الذى بين قديد «٢» وعسفان «٣» أفطر، فلم يزل مضطرا حتّى انسلخ الشهر، وبلغ ذلك قريشا، فخرج أبو سفيان ابن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار، وكان العباس رضى الله عنه أسلم قديما، وكان يكتم إسلامه، فخرج بعياله مهاجرا، فلقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجة «٤» وقيل بذى الحليفة، ثم حضر أبو سفيان بن حرب على يد العباس إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم بعد أن استأمن له، فأسلم معه حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء.

وفي رواية عروة: لما دخل أبو سفيان مع العباس على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صبيحة أسلم، قال أبو سفيان يا محمد إنى قد استنصرت إلهى واستنصرت أنت إلهك، فو الله ما لقيتك من مرة إلا ظهرت عليّ فلو كان إلهى محقّا وإلهك مبطلا لظهرت عليك» . فشهد ألاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

وممن أسلم يومئذ معاوية بن أبى سفيان وأخوه يزيد، وأمه هند بنت عتبة، وكان معاوية يقول: إنه أسلم يوم الحديبية، فكتم إسلامه عن أبيه وأمه، وقال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان يحب الفخر فاجعل له شيئا يكون في قومه،


(١) الكديد: موضع بالحجاز على اثنين وأربعين ميلا من مكة. بين عسفان وأمج. وفي هامش المراصد: «فى ياقوت: ويوم الكديد من أيام العرب» .
(٢) قديد: بضم القاف: قرب مكة.
(٣) عسفان: منهلة من مناهل الطريق، بين الجحفة ومكة.
(٤) كانت قرية كبيرة ذات منبر (أى مسجد جامع به منبر) على طريق مكة، على أربع مراحل، وهى ميقات أهل مصر والشام وسميت الجحفة لأن السيل جحفها، (أى أضر السيل بأهلها) وكان اسمها (مهيعة) بينها وبين البحر ستة أميال، وبينها وبين «غدير خمّ» ميلان.