للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلحة؟ فدعاه؛ فقال: «هاك مفتاحك يا عثمان؛ إن الله استأمنكم على بيته؛ فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف.

وفي رمضان هذه السنة يوم الفتح أسلم أبو قحافة؛ والد أبى بكر رضى الله عنهما.

روى أن أبا بكر لما جاء إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم بأبيه أبى قحافة ليسلم، قال له النبى صلّى الله عليه وسلّم: لم عنّيت الشيخ، ألا تركته حتّى أكون أنا اتيه في منزله؟! فقال أبو بكر:

بأبى أنت وأمي؛ هو أولى أن يأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكانت امرأة أبى قحافة أم الخير- أم أبى بكر- قد أسلمت قديما في السنة السادسة من النبوة، واسم أبى قحافة عثمان بن عامر؛ توفى في السنة الرابعة عشرة من الهجرة، فى خلافة عمر، بعد وفاة أبى بكر رضى الله عنه بسنة، وكان ابن سبع وتسعين سنة.

قال ابن هشام: وبلغنى أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين افتتح مكة ودخلها، قام على الصفا يدعو وقد أحدقت الأنصار، فقالوا فيما بينهم: أترون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم بها؟ فلما فرغ من دعائه قال: ماذا قلتم؟ قالوا: لا شيء يا رسول الله. فلم يزل بهم حتي أخبروه، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «معاذ الله، المحيا محياكم، والممات مماتكم» .

قال ابن إسحاق، وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة الاف، وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من رمضان سنة ثمان.

واستقرض صلّى الله عليه وسلّم من ثلاثة نفر من قريش: أخذ من صفوان بن أمية رضى الله عنه خمسين ألف درهم، ومن عبد الله بن أبى ربيعة أربعين ألف درهم، ومن حويطب بن عبد العزّي أربعين ألف درهم، فرّقها صلّى الله عليه وسلّم في أصحابه من أهل الضعف، ثم وفّاها مما غنمه من هوازن، وقال: «إنما جزاء السلف الحمد والأداء» «١» .

وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة حين فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة؛ ثم خرج إلى هوازن وثقيف، وقد نزلوا حنينا «٢» .


(١) رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه عن عبد الله بن أبى ربيعة. بلفظ «الوفاء» بدل «والأداء» .
(٢) واد قريب من مكة، قبل الطائف، بجنب ذى المجاز سمى باسم حنين بن نائبة: رجل من العماليق؛ وكانت به الوقعة المشهورة.