للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرقه أو البراق أو جبريل، بل خلقه الله كسائر الأزهار، ولم يكن وطؤه صلّى الله عليه وسلّم يؤثّر في الصخر دون الرمل، كما توارد عليه كثيرون «١» ، بل كان كغيره من الناس، أي في عدم تأثير وطء قدميه الكريمتين في الحجر وتأثيرهما في الرمل.

وقال بعضهم معدّدا لاياته صلّى الله عليه وسلّم:

ومن تلكم الايات وحي أتي به ... قريب الماتي مستجمّ العجائب

تقاصرت الأفكار عنه فلم يطع ... بليغا ولم يخطر علي قلب خاطب

حوي كلّ علم، فاحتوي كلّ حكمة ... وفات مرام المستمر الموارب

أتانا به لا عن رواية «٢» مرتئي ... ولا صحف مستمل ولا وصف كاتب

يواتيه طورا في استجابة سائل ... وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب

وإثبات برهان وفرض شرائع ... وقصّ أحاديث ونص مارب

وتصريف أمثال وتثبيت حجّة ... وتعريف ذى جحد وتوقيف كاذب

وفي مجمع النادي وفي حومة الوغي ... وعند حدوث المعضلات الغرائب

يصدّق منه البعض بعضا كأنما ... يلاحظ معناه لغير المراقب

فيأتي علي ما شئت من طرقاته ... قويم المعاني مستدرّ الضرائب

وعجز الوري عن أن يجيبوا بمثل ما ... وصفناه معلوم بطول التجارب

وذكر الإمام فخر الدين أن من كانت معجزاته أظهر يكون ثواب أمته أقلّ، قال السبكي: إلا هذه الأمة؛ فإن معجزات نبيها أظهر وثوابها أكثر من سائر الأمم. وقد ألّف العلماء الحفّاظ والثقات الأيقاظ في سيرته ومعجزاته كتبا كثيرة ومجلدات كبيرة، وما أتوا بعشر معشار فضائله، ولا بقطرة من بحار فواضله (وكان أكثر مما قيل ما تركوا) كما قال بعضهم:

لو أنّ بحرا مداد الكاتبين وما ... في الأرض من شجر أقلام مستطر

لم يحصروا بعض فضل المصطفى أبدا ... وكيف يحصر شئ غير منحصر


(١) كونه صلّى الله عليه وسلّم إذا مشى في الصخر أثر، وإذا مشي علي الرمل لا يؤثر: اشتهر ذلك عن بعض العلماء، ولم يرد في الصحاح. والله أعلم.
(٢) فى الأصل المطبوع (رؤية) وبها ينكسر الوزن، وقد رأينا أن كلمة (رواية) تجبر كسر الوزن وتؤدى المعنى.