للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وولدت له عبيد الله. ووجّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا رافع مع زيد بن حارثة من المدينة لحمل عياله من مكة، وبشّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بولادة إبراهيم، فوهب له غلاما، وكانت سلمى زوجته قابلة «١» إبراهيم، وشهدت خيبر مع زوجها، وكان عبيد الله ابنه خازنا لعلى بن أبى طالب، أو كاتبا له أيام خلافته. وشهد أبو رافع أحدا والخندق وما بعدهما من المشاهد، ولم يشهد بدرا لأنه كان بمكة، كما تدلّ عليه قصته مع أبى لهب الاتية؛ قال أبو رافع: كنت غلاما للعباس، فأسلم العباس، وأسلمت أمّ الفضل وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرّق في قومه «٢» فلما جاء مصاب أهل بدر وجدنا فى أنفسنا عزة وقوّة، وكنت ضعيفا أعمل الأقداح وأنحتها في حجرة زمزم، فبينا أنا أنحت أقداحى وعندى أم الفضل جالسة، وقد سررنا بما جاءنا من خبر أهل بدر، أقبل أبو لهب فجلس، وجاء أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فقال أبو لهب: إليّ يا ابن أخي، ما خبر الناس؟ فقال: ما هو إلا أن لقيناهم حتّى منحناهم أكتافنا، ولقينا رجالا على خيل بلق «٣» ، فقلت: تلك الملائكة. فلطمنى أبو لهب لطمة شديدة، وثاورته، فضرب بى الأرض، فقالت له أم الفضل: أراك تستضعفه أن غاب عنه سيده، وأخذت شيئا فضربته به فشجته، فقام ذليلا، فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتّى رماه الله بالعدسة فقتله، وقد ترك حتّى أنتن وتباعد عنه بنوه، فبقي ثلاثا لا تقرب جنازته ولا يدفن، فلما خافوا السبّة دفعوه بعود في حفرته، ودفن بأعلى مكة، وقذفوا عليه الحجارة من بعد حتّى واروه بها، كما سبق في الفصل الأوّل من الباب الأوّل، وتوفى أبو رافع قبل عثمان، وقيل في خلافة عليّ رضى الله عنهم. [و «العدسة» : بثر كانت تخرج على الناس، تزعم العرب أنها تعدي، شبيهة بالطاعون.]

وعلى ذكر ذلك فقد روي عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان الوباء بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه، وإذا سمعتم به


(١) يقصد قابلة أم إبراهيم أى التى قامت بتوليدها.
(٢) ذلك والله أعلم هو سر من أسرار إخفائه الإسلام حتّى يتمكن من جمع ماله من قريش.
(٣) بيضاء.