للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أولها، وحينئذ إما أن يسلم "وات" وغيره ويدعو قومه إلى الإسلام (١)، وإما أن يلتزم الصمت، ولكنه التزم الطريق الثالث، طريق كفار مكة في قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣]، وما كان ليختار هذا الطريق ظلمًا إلا من وراء دافع أقوى، وهو محاربة الإسلام، الذي ذكرناه آنفًا.

وقد يقال إن بحثه العلمي قد أداه إلى ذلك، والرد أن يقال كما أشرنا إلى بعضه إنه ليس بحثًا ولا شيئًا، إنه قد جهز وأعد نتيجة المسمى بحثًا أعدها سلفًا، ثم سعى بكل طريق ليثبتها، إن مراده من البحث أن يقدم للمسيحيين في الغرب المادة التاريخية التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تكوين الرأي اللاهوتي إذ إن موقفه ماض به بقوله: "فإن على المسيحيين أن يتخذوا من محمد - عليه الصلاة والسلام - موقفًا لابد أن يكون قائمًا على أسس دينية لاهوتية" (٢).

هذا هو "وات" هل تراه قدم لبني وطنه ودينه ما جعلهم يعظمون محمدًا ويؤمنون به أو ينصفونه فقط؟! إذن فهل يعتبر أحد أن ذلك الضلال الذي شربه بنو دينه بحثًا؟ وهل أسلم أحد؟ أو نظر نظرة إنصاف بعد أن قرأ كلام "وات" عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أم ازداد غلوًا وثبتت أقدامه على الضلال، وعلى النظرة السيئة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي لا تمت إلى الله بصلة.


(١) كبعض الأوربيين من أمثال رينيه.
(٢) "وات"، محمد في مكة، (٤٠)، ترجمة د. عبد الرحمن الشيخ وحسين عيسى، الهيئة المصرية للكتاب.

<<  <   >  >>