للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنجيل والكتاب الأول لمحمد ... - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١)، وهذه النظرية تحتاج أن يكون قد نزل قرآن كما يزعم قبل سورة {اقْرَأْ} فهو بهذا الخلط، والتجني على التاريخ، وحشود سوء القصد، وسوء الفهم وسلسلة الجنايات على الواقع وتغييره، يجهز خشبة مسرح الضلال للوصول إلى النهاية التعيسة التي رسمها أولاً ضاربًا عرض الحائط بالعقل وعقول القارئين وبالمنهج العلمي، فإذا كان محمد يا سيد "الوات" قد تعلم وقعد (لورقة) فما الذي حمله على الخوف والرجوع بعد ذلك لورقة - متخوفًا أن يكون قد أصيب بأذى - إذا كان قد علَّمه ذلك من قبل وشجعه، وكلمة الناموس التي ذكرها ورقة وكانت محل فلسفة من "وات" لا علاقة لها بالمنهج التاريخي، كيف لم تُذكر في الوحي ولو لمرة واحدة في سياق التأثر المزعوم؟ ومتى استكمل (ورقة) الطريق مع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلمه وقد مات مباشرة بعد ذلك، ولم يدرك يومه لينصره نصرًا مؤزرًا، ترى "ورقة" كان سينصر محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باليهودية والمسيحية، أم بالناموس الذي جاء "وات" ليعطيه معانى غريبة متأخرة من اللغة اليونانية، وهي لا خلاف بين الكفرة المستشرقين قبل المسلمين أن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يعرفها من قبل ولا من بعد.

ثم إن ورقة قد مات مسلمًا (٢)، وذلك في المصادر التي لا يملك "وات" سواها فإذا به يخترع تاريخًا لا أصل له، ويبني عليه استنباطات الإفك، ثم يأتي سؤال من الأسئلة التي لا حصر لها تحاصر "وات"، وهو لماذا لم يدع (ورقة) ذلك لنفسه؟ وهو الشيخ الكبير الذي له قيمة في قومه، ومتميز بما يعتقده الحق، ويكون لدعوته أثر في مكة، إن المصادر التي تحت أيدينا، وقد ازدادت آلاف المرات عن مصادر "وات" لم تذكر واحدًا فقط دعاه (ورقة)


(١) Muhammad at Mecca p. ٥١ - ٥٢ - الطبعة المترجمة (١١٩ - ١١٢) د. عبد الرحمن الشيخ وحسين عيسى، الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة ٢٠٠٢.
(٢) أحمد، الفتح الربانى (٢/ ١٠٤)، وحسن الساعاتى إسناده، ابن كثير عن أبى يعلى وحسنه في البداية (٣/ ١٠)، والحاكم في المستدرك وصححة ووافقة الذهبى من حديث عائشة (٢/ ٤٠٩).

<<  <   >  >>