للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول "وات" عن الروايات التي نحن بصددها عندما قرر أنها ليست حقيقية عند المؤرخ العلماني قال: "لأنها تحاول وصف وقائع يمكن نسبتها لفترات لاحقة من حياة محمد، لكن المؤكد أن هذه الروايات تعبر عن شيء بالنسبة للمسلمين المؤمنين، وبالتالي فهي حقيقية بالنسبة له، ومناسبة لإطالة حياة نبيهم" (١).

وانظر إلى التشكيك، والإفك وقلب الزمان.

المصادر التي ليس له سواها في سيرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تذكر لشق الصدر وغيره زمن الرضاع والصبا، ثم يأتي "وات" فيقول هذه يمكن أن تكون بعد أن أصبح نبيًا، أي غير تاريخ الواقعة حوالي أربعين عامًا هكذا؛ حتى يستطيع بذلك التشكيك والتضليل، علاوة على اللمز في أنها تطيل حياة نبيهم، وكأنهم كانوا يسمرون بها في مجالسهم ليس لهم غيرها لتطيل هذه الحياة، مع ذكره أن محمدًا في المدينة انشغل انشغالاً شديدًا بإعداد هؤلاء لما يود أن يقوم به (٢).

هذه رواية شق الصدر للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقفنا فيها طويلاً شيئًا ما حيث ذكرنا ما ورد فيها نقلاً وصحة ذلك عقلاً، وأخذنا ورددنا ممجوج الآراء السمجة التي رأينا، وأما غيرها من الآراء فهي لا تعدو هذيانًا، جعلت "وات" نفسه الناصح الأمين للمستشرقين يصفها بالغثيان وشدة التطرف (٣) لأنها لا تحمل آراء بقدر ما تحمل سخائم القلوب المريضة التي ظهرت على الألسنة القبيحة بنفس نتن تلك القلوب، وهو يعلمهم كيف يردون بإلباس


(١) محمد في مكة (٣٣ - ٣٤) الطبعة الإنجليزية، عبد الرحمن الشيخ، وآخر (٩٤).
(٢) محمد في المدينة (٤) تعريب شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية – صيدا – بيروت.
(٣) محمد في مكة (٨٢)، حيث وصف كلام المستشرقين في العلاقة بين المصادر اليهودية والمسيحية وتعاليم الإسلام، أما شدة التطرف فقد وصف بها آراء "لامانس" نفس المصدر، (٤٤)، وهي أوصاف هينة من "وات" لا تعبر عن الحقيقة أو شيء منها عند هؤلاء الكتاب المستشرقين الذين يشكلون جزءًا هامًا من مراجعه المعتمدة.

<<  <   >  >>