وكان منطقيًا كما رأينا أن تتم العناية به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والصيانة له على أحسن حال وأتم وجه، وكان متسقًا ومتوافقًا تمام الاتساق والتوافق في كل هذه الأخلاق الحسنة وغيرها مع الإرادة الربانية التي اختارته؛ إذ ما سمعنا عن مثل ذلك لغيره، لو كانت الأمور بالتدريب والمجاهدة ورياضات النفوس، أو بالثقافة التي يدعيها "وات" لكان لغيره خاصةً الحنفاء ومن تنصر كورقة اليد الطولى إذ كان يقرأ ويكتب من الكتاب العبراني ما شاء الله له، وعلى علم بحال قومه وزاد بعلمه بأحوال النصارى واليهود من حرف منهم وزاغ، ومن بقى على الدين الأول، فلا مرد لذلك، ولا مرجع له إذن إلا اتصال الأرض بالسماء لإعداد هذا النبي المنتظر.
وإن بيئة تساوى الجميع فيها مع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم تكن بالعالية كالملأ المكي، ولا المتدنية كالمقابل لهم، لم تكن لتخرج هذا الشخص العظيم الذي علا الجميع بغير محاولة منه بما هم مشتركون فيه.
إن ذلك دليل خارج عن نطاق البشر، ويستدل به ويبرهن على نبوة ذلك الأمين الصادق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.