للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل هذان الوجهان فقط على أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعظم الرسل وأعلاهم على الإطلاق أمانة، وبالتالي سيد الدنيا والآخرة في ذلك وغيره.

وهذا الكلام غصة في حلق المستشرقين قبل غيرهم بالبرهان العقلي والدليل المادي الواقع الذي لا ينكره أولو الألباب من غير تعصب ولا هوى.

وأمانة الرسل يراد بها أمران:

الأول: أمانتهم بين أقوامهم قبل تبليغهم الرسالة، وهي دليل على الصدق.

الثاني: الأمانة يحتمل أن يراد بها أنه أمين من جانب الله على الأمة التي أرسل إليها، إذ لا يرسل الرب من ليس أمينًا عنده ليبلغ أمانته سبحانه إلى الناس.

ويَجمُل أن نشير إلى حاصل كلام الطاهر بن عاشور في تفسيره لتلك الآيات حيث يقول: وجملة: "إني لكم رسول أمين" تعليل للإنكار أو التحضيض وهو في قوله: {أَلَا تَتَّقُونَ} فإن {أَلَا} هنا للإنكار أو التحضيض على الإيمان، أي كيف تستمرون على الشرك، وقد نهيتكم عنه وأنا رسول لكم أمين عندكم.

وكان نوح موسومًا بالأمانة لا يتهم في قومه، كما كان محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلقب الأمين في قريش. قال النابغة:

فألفيت الأمانة لم تخنها .. ... كذلك كان نوح لا يخون

وتأكيده بحرف التأكيد {إِنِّي} مع عدم سبق إنكارهم أمانته؛ لأنه توقع حدوث الإنكار، فاستدل عليهم بتجربة أمانته قبل تبليغ الرسالة، إذ أن الأمانة دليل على صدقه فيما بلغهم من رسالة الله، كما قال هرقل لأبي سفيان - قبل إسلامه -: فهل كنتم تتهمونه

<<  <   >  >>