للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء المسلمون في كتبهم مثل ابن قتيبة والماوردي والقرافي وابن تيمية وابن القيم؛ مما يشير إلى محو أهل الكتاب ذلك من كتبهم إثر المجادلات الدينية، واحتجاج المسلمين بها عليهم، ولكن الكلام كما هو معلوم قد حوته مجلدات ضخام لا تعد ولا تحصى، تبين ما نحن بصدده وهو ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وكان يقرأ في الكتب المتقدمة - كان يقول إن هذه الآية التي في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: ٤٥] هي في التوراة: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله فيفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفا) (١).

قد يرد أحدهم هذا تحيز من مسلم لرسوله، والرد الأول إنهم ما كانوا ليكذبوا له، ومن فعل ذلك ردت روايته، وتبوأ مقعده من النار، والكذب لم يكن بتاتاً من أخلاقهم كما هي شهادة أعدائهم قبل علمائهم وعوامهم، وإنما يرمي به من يرمي غيره بالكذب لتأصل ذلك فيه.

الثاني: أن ذلك انتشر بين أهل الكتاب وردهم على شخص غير شخص الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسهل بكثير من ردهم على الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خاصة وقد نقلت كتب التاريخ حريتهم في المناظرة والرد والكتابة ضد الإسلام من أيامه الأولى.


(١) صحيح البخاري (٤٨٣٨)، كتاب تفسير القرآن الكريم، باب إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، سورة الفتح (٩١٢)، (٢١٢٥) كتاب البيوع، باب كراهية السخب في الأسواق (٣٧٠)، طبعة ابن حزم.

<<  <   >  >>