نسارع خطى البحث لنعود إلى ذكر الوحي في القرآن الكريم على المنهج الذي اخترناه لهذا البحث.
ونلاحظ الآية الأولى في هذا المعلم وقد قدمناها لكونها تجمع الأنبياء جميعًا الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم والذين لم يرد ذكرهم وهي قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٣ - ١٦٤]، وقد أضفنا إليها الآية التالية لها لتعلقها بها.
ففي هذا التنزيل القرآني نرى الآتي:
أولاً: أن وحي الله تعالى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما هو كوحيه لجميع الأنبياء، أي إنه وحي من الله إلى موحى إليه من البشر منفصل تمام الانفصال عن الموحَى إليه، فهو ليس من ذاته بل من الله جل وعلا. (١)
ثانيًا: أن وحي النبي لا يفترق عن وحي الأنبياء من قبله، فأصول هذه الرسالات واحدة من الله تعالى، وإن اختلفت في أمور تتفق وبعثة الأنبياء وأزمانهم رعاية من الله ورحمة بالناس.
ثالثًا: أن وحي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس حالة نفسية أو حالة من حالات الوعي واللاوعي وغير ذلك، إذ لم ينسب لنبي من قبل مثل هذا البهتان فمن باب الأولى فالرسالة الخاتمة الشاملة الخالدة الأعظم لا يكون مبلغها إلا على أفضل كمالات الأنبياء من قبله.
رابعًا: أن الأنبياء الأقرب من الرسول برسالاتهم كموسى وعيسى عليهما السلام لم