أن هذا أول ما أوحي به من القرآن إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِما ثبت عن عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مما سيأتي قريباً.
وافتتاح السورة بكلمة {اقْرَأْ} إيذان بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيكون قارئاً، أي تالياً كتاباً بعد أن لم يكن قد تلا كتاباً قال تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ}[العنكبوت: ٤٨]، أي من قبل نزول القرآن، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل حين قال له اقرأ:" ما أنا بقارىء ".
وفي هذا الافتتاح براعة استهلال للقرآن.
وفي حديث «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها (١) قولها فيه: «حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال: فقلت: ما أنا بقارىء فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجَهْد ثم أرْسَلَني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارىء فأخذني فغطّني الثانيةَ حتى بلغ مني الجَهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)} إلى {مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)}.
وقوله {بِاسْمِ رَبِّكَ} فيه تعريض بتحميق المشركين الذين ضلوا عن توحيد الله تعالى مع أن دليل الوحدانية قائم في أنفسهم.
وفي قوله: {مِنْ عَلَقٍ (٢)} إشارة إلى ما ينطوي في أصل خَلْق الإِنسان من بديع الأطوار والصفات التي جعلته سلطانَ هذا العالم الأرضي.