وحده وهو أساس الدعوة وهدفها من أول آية، مع ما في قوله باسم ربك أنت أي الواحد الموصوف بصفات الكمال المنزه عن صفات النقص لا أي رب آخر يدعوه المشركون أو غيرهم.
وجملة: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} خبر عن قوله: {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)} وما بينهما اعتراض.
وتعريف {الْإِنْسَانَ} يجوز أن يكون تعريف الجنس فيكون ارتقاء في الإِعلام بما قدره الله تعالى من تعليم الإِنسان بتعميم التعليم بعد تخصيص التعليم بالقلم.
وفي ذلك طمأنة لنفس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن عدم معرفته الكتابة لا يحول دون قراءته لأن الله علّم الإنسان ما لم يعلم، فالذي علّم القراءة لأصحاب المعرفة بالكتابة قادر على أن يعلمك القراءة دون سبق معرفة بالكتابة.
وأشعر قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} أن العلم مسبوق بالجهل فكل علم يحصل فهو علم ما لم يكن يُعلَم من قبل، أي فلا يُؤْيِسَنَّك من أن تصير عالماً بالقرآن والشريعة أنك لا تعرف قراءة ما يكتب بالقلم. وفي الآية إشارة إلى الاهتمام بعلم الكتابة وبأن الله يريد أن يُكتَب للنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما ينزل عليه من القرآن فمن أجل ذلك اتخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتاباً للوحي من مبدأ بعثته.
وفي الاقتصار على أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقراءة ثم إخباره بأن الله علّم الإنسان بالقلم إيماء إلى استمرار صفة الأمية للنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنّها وصف مكمِّل لإعجاز القرآن قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨)}
[العنكبوت: ٤٨].
وهذه آخر الخمس الآيات التي هي أول ما أنزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غار حراء.