للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحن مضطرون لاستكمال عرض بقية كلامه الذي يبين بوضوح موقفه لأنه وجه كل ما يمت لعالمية الدعوة من قريب أو بعيد بصلة، نافيًا ومؤولاً، ومخترعًا لفرضيات يفسر بها هذا الأمر، فيدعي فيما سنذكر أن دعوة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت خاصة بقريش، ثم يلمز ما جاء في القرآن مفيدًا غير ذلك فيقول: "اعتبر محمد نفسه أول الأمر مرسلاً إلى قومه القرشيين، ثم أخذ شيئًا فشيئًا وبدرجات لا تبدو بوضوح في القرآن يتراءى له هدف أوسع لرسالته، دعا قبل الهجرة بعض أفراد القبائل البدوية إلى الإيمان بالله عدا مفاوضة سكان المدينة، ثم احتلت فكرة الأمة القائمة على أساس ديني مكان الصدارة بحلول الهجرة." (١) ويذكر توسع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدعوة، ولكن يلبسها ثوبًا آخر فيقول: "نحن نعتقد بأن محمدًا بعد عودته من الطائف أخذ يدعو أفراد القبائل البدوية للدخول في الإسلام، وإن وراء هذا النشاط فكرة غامضة في توحيد العرب جميعًا." (٢)

كلام "وات" السابق، وكلام غيره من المستشرقين في ذات المسألة مليء بالتناقض الصارخ والحشد الهائل من تعمد الخطأ، وكما ذكرنا نعزوه لانتمائه الكنسي، ولتطعيم رعايا الكنيسة بالواقي من التفكير في الإسلام أو النظرة الموضوعية له، بل لتكوين آراء رفضه ومقت نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومحاربته.

ونبدأ في النظر في كلام "وات" من حيث انتهى، لأنه يوافق الترتيب التاريخي للسيرة، ونشير إلى هذه المغالطة أولاً: وهي قوله: "غير أن قول بعض المصادر، وهي ليست أقدم المصادر أنه نظر للإسلام على أنه دين شامل وعام" (٣)

وهذه المغالطة المكشوفة نذكر شيئًا منها في هذا السطر من كلامه لنرى العجب:


(١) "وات"، "محمد في مكة" (١٣٨)، "وات"، "محمد في المدينة" (١٤٣).
(٢) "وات"، "محمد في مكة" (١٤١).
(٣) "وات"، "محمد في المدينة" ().

<<  <   >  >>