للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وضعه بين كتفيه. وثبت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساجداً، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك. فانطلق منطلق إلى فاطمة رضى الله عنها - وهي جويرية - فأقبلت تسعى، وثبت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة قال: اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش».

ثم تسمَّى: اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بي ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبى معيط وعمارة بن الوليد، قال عبد الله بن مسعود: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب - قليب بدر - ثم قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وأتبع أصحاب القليب لعنة». (١)

وقد بينت الروايات الصحيحة الأخرى أن الذى رمى الفرث عليه هو عقبة بن أبى معيط، بتحريض من أبى جهل، وأن المشركين تأثروا لدعوة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشق عليهم الأمر لأنهم يرون أن الدعوة بمكة مستجابة. (٢)

وقد ثبت أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا على قريش لما كذبوه واستعصوا عليه فقال: «اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة فخصت كل شيء حتى أكلوا الميتة والجلود، وجعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخاناً من الجوع».

فأتى أبو سفيان إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، وقد أثبت القرآن الكريم هذا الحادث فقال تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢)


(١) رواه البخاري، الصحيح (٢٩٣٤)، ومسلم، الصحيح (١٧٩٤)، وابن اسحاق، السيرة (٢١١).
(٢) ابن حجر، فتح الباري (١/ ٣٤٩).

<<  <   >  >>