للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام: (كان خلقه القرآن) (١)، أي خلقه آداب الشرع التي أمر بها جميعها، إذ لا يمكن أن يأمر الله بأي شيء، إلا ويكون الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول المسارعين إلى تنفيذه لقوله تعالى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٣]، وحديث أنس - رضي الله عنه - خادمه بعد حديث زوجه، يبين لنا ذلك، فعلى طول خدمته للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يتغير عليه قطّ، ولا بدا له منه شيء من ذلك، خاصةً مع من يخدمه؛ لأنه لابد من أفعال يقع بها الضجر والتأفف، أو تؤدي إلى المعاتبة أو المعاقبة، ولكن شيئاً من ذلك كله لم يقع لأنس - رضي الله عنه - مع النبي عليه الصلاة والسلام، يقول أنس: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحسن الناس خُلُقاً) وقال: (ما مَسَستُ ديباجاً ولا حريراً أليَن من كفِّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا شممت رائحة قطّ أطيب من رائحة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقد خدمت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر سنين، فما قال لي قط: أُفّ، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا) (٢).


(١) رواه مسلم (٧٤٦) مطولاً من حديث قتادة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٣٧٦٨)، ومسلم (٢٣٠٩) بعضه، والترمذي (٢٠١٥).

<<  <   >  >>