للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين المهاجرين والأنصار على الحق والمواساة، والتوارث بعد الممات دون ذوى الأرحام (١).

وروى أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حالف بين قريش والأنصار في داره (٢).

وروى البعض أن المؤاخاة كانت في المسجد (٣).

ومن الجدير بالذكر أن موضوع المؤاخاة قد تم مرتين، مرة في مكة، والأخرى بعد الهجرة إلى المدينة، كما ذكره ابن عبد البر في سيرته (٤).

وذكر ابن حجر، أن من أغراض المؤاخاة، أن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض، بالمال والعشيرة والقوى، فآخى بين الأعلى والأدنى، ليرتفق الأدنى بالأعلى، ويستعين الأعلى بالأدنى، ومِثْلُ هذا مؤاخاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لعلى بن أبى طالب - رضي الله عنه -، لأنه هو الذى يقوم به من عهد الصبا، قبل البعثة، واستمر إلى ما بعدها، وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة، لأن زيداً مولاهم، فقد ثبتت أخوتهما وهما من المهاجرين (٥).

وقد آخى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أصحابه بعد وصوله المدينة، ليذهب عنهم وحشة الغربة، ويستأنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة، ويشد بعضهم أزر بعض، فلما عز الإسلام، واجتمع الشمل وزالت الوحشة، واستطاعوا أن يقوموا بحياتهم وعيشهم، أبطل الله التوارث بالمؤاخاة، وأبقى أخوة الإيمان كما قال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ


(١) البخاري، فتح الباري (٤٥٨٠)، وكذا تفسير ابن كثير (٢/ ٢٥٥).
(٢) البخاري، فتح الباري (٢٢٩٤)، ومسلم (٢٥٢٩)، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٤٥)، وابن سعد، الطبقات، (١/ ٢٣٨ - ٢٣٩).
(٣) لا تعارض بين القولين، كما ذكر شارح البخاري، الفتح (١٥/ ١٣٠). لأن المؤخاة لم تتم مرة واحدة، بل حسب من يدخل في الإسلام، أو يقدم المدينة، وما في الصحيح يقدم على غيره، حيث ذكر مسلم أن ابتداء المؤخاة كان في دار أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٤) ابن عبد البر، الدرر في اختصار المغازى والسير، (١٠٠)، تحقيق د. شوقى ضيف القاهرة سنة ١٣٨٦هـ - ١٩٦٦ م.
(٥) ابن حجر، الفتح (١٥/ ١٢٩).

<<  <   >  >>