للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نراها تشتمل على مبادئ دستورية، إما واضحة وشاملة، أو يمكن استنباطها من تلك المبادئ المنصوصة، مع انطواء كل ذلك على أحكام شرعية، ذلك كله يجعل كلمة «دستور» هي أقرب إطلاق مناسب من المصطلحات الحديثة على الوثيقة، ومن ثَمَّ تكون هذه الوثيقة أقدم دستور مكتوب في العالم، وإذا كانت بمثابة إعلان دستور، فإنها شملت على ما يمكن أن يعالجه أي دستور حديث، يوضح الخطوط الكلية لنظام الدولة في الداخل والخارج؛ فيما يتعلق بأفراد الدولة مع بعضهم البعض، أو يتعلق بعلاقة الدولة مع الآخرين، ولكن هذه الوثيقة تختلف، أو تزيد عن دساتير اليوم بما يلى:

أولاً: الدولة الإسلامية دولة دستورية، والكلمة العلى فيها للشرع؛ فهى ليست كالدول الدينية في القرون الوسطى في أوربا، والتي حاولوا أن يصموا بها الدولة الإسلامية.

ثانياً: الدولة الإسلامية بدأت حضارتها التى سادت الدنيا، باتباعها لتلك التعاليم والمباديء، وتطبيقها على أرض الواقع، في حين كانت أوربا تحارب العلم، وتحرق العلماء باسم الدين.

ثالثاً: العدالةُ، والمساواةُ، وحريةُ العقيدةِ، التي تمتع بها أفراد الدولة الإسلامية لا تحتاج لدليلٍ، إذ كان يمكن ليهوديٍ - مثلاً - أن يقاضى رئيس الدولة رأساً، ويأخذ حقه منه، في حين أن العنصرية والتمييز ما زالا قائِمَين إلى وقت قريب في أوربا وأمريكا رسمياً، فما زال الواقع يعج أفراداً ومؤسسات بتلك التفرقة وهذه العنصرية والنازية.

رابعاً: هذا الدستور (الوثيقة)، ينطوي على الجانب الأخلاقي، المتمثل في مخاطبة المؤمنين المتقين، بمطالبتهم أن يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين، رجاء الحذر من حساب اليوم الآخر، بما لا نظير له في الدساتير الوضعية.

<<  <   >  >>