للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض»، وعندما سمع ذلك عُمير بن الحُمام الأنصارى، قال: يارسول الله: أجنة عرضها السموات والأرض؟ قال: «نعم» قال: بخٍ بخٍ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما يحملك على قول بخٍ بخٍ» قال: لا والله يارسول الله، إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال: «فإنك من أهلها»، فأخرج تمرات من قَرَنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة. قال: «فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل»، وقال كذلك عندما سأله أحد الصحابة، وهو عوف بن الحارث: يا رسول الله ما يُضحك الربُ من عبده، قال: «غَمْسَه يَدَه في العدو حاسراً»، فنزع درعاً كانت عليه، فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل» (١)، ثم أخذ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في توجيه أوامر الحرب قائلاً: «إذا أكثبوكم فارموهم، واستبقوا نبلكم، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم» (٢).

أما ارتباط الأرض بالسماء في شخصه الكريم، طلباً للنصر من الله تعالى، وتعلقاً بخالق الأسباب جل وعلا، فقد ظهر في دعائه لربه، واستغاثته واستنصاره به، مما يبين توكله على الله، لا على الأسباب، واستكماله لكل قوى النصر، ويقينه بأن النصر من عند الله تعالى، فوجدناه منفرداً بربه ليلة بدر يدعوه، يقول الإمام على بن أبى طالب - رضي الله عنه -، في وصف تلك الليلة، ليلة السابع عشر من رمضان سنة اثنين من الهجرة وأمامهم معسكر المشركين: «لقد رأيتنا يوم بدر وما منَّا إلا نائم، إلا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه كان يصلى إلى شجرة حتى أصبح ...».

ويبدو أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أراد أن يريح جيشه تلك الليلة، فقام هو بنفسه بحراستهم (٣)،


(١) رواه ابن اسحاق - ابن هشام، السيرة النبوية (٢/ ١٩٩)، وهو مرسل.
(٢) البخاري، فتح الباري (٥/ ١٧٣ / ٣٩٨٥/ ١٢ / ٤٨/ ٢٩٠٠).
(٣) الحديث رواه أحمد، المسند، الفتح الربانى (٢١/ ٣٠ - ٣٦)، بإسناد صحيح، انظر د. أكرم العمرى، السيرة النبوية الصحيحة (٣٦٠ - ٣٦١).

<<  <   >  >>