للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمسجد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاملاً سيفه، وسأله الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن سبب مجيئه فتعلل بولده الأسير، فأخبره الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوحى السماء بما حدث بينه وبين صفوان بن أمية في الحجر، فأسلم لتوه إذ ما حضر ذلك ثالث، وطلب من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرجوع إلى مكة للدعوة للإسلام بالشدة التى كان يهاجمه بها ويؤذى بها المسلمين. (١)

فأما في المدينة حيث المسلمون كثره مكينة ظاهرة، فقد إستعلى المؤمنون فيها على اليهود وبقايا المشركين، وأخذت العداوة للإسلام وأهله منحى الدس والنفاق والمخاتلة، فأسلم فريق من المشركين واليهود ظاهراً وقلوبهم تغلى حقداً وكفراً.

فأما المشركون فكان زعيمهم عبد الله بن أبى بن سلول رأس المنافقين حيث قال في رجوع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمين منصورين غانمين من بدر: هذا أمر قد توجه - لا مطمع في إزالته - فبايعوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الإسلام فأسلموا (٢). ومن بين من عرفوا بالنفاق من مشركى المدينة غير ابن أبى! جلاس بن سويد وأخوة الحارث وأوس بن قيظى.

ومن بين من عرف بالنفاق من أحبار يهود المدينة: زيد بن اللصيت ورافع بن حريملة ورفاعة بن زيد بن التابوت. وقد أسلم من أسلم منهم وحسن إسلامه، ومات على النفاق من مات منهم (٣)، على أن هذا الخداع الذى لاذ به هذا الفريق كان في الوقت الذى عالن فيه الفريق الباقى من اليهود بسخطهم على الإسلام ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يعودوا يسيطرون على مشاعرهم وأقوالهم وأفعالهم بسبب غيظهم من النتيجة التى لم يكونوا يتوقعونها فاندفعوا نحو العدوان، وأظهروا ألمهم للهزيمة التى أصابت قريشاً، حتى إن كعب بن الأشرف من


(١) ابن اسحاق، ابن هشام، السيرة (٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٢) وخبر نفاقه ومعادته للإسلام وإيذائه للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، البخاري (٤٥٦٦)، وابن حجر فتح الباري ().
(٣) انظر مواقف بعضهم في السيرة، لأبى بكر الجزائرى، هذا الحبيب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١٨٩ - ١٩٤)، د. مهدى رزق الله، السيرة (٣٦٢ - ٣٦٣).

<<  <   >  >>