للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأهم والأولى عندهم، وبذلك تتضح المناسبة بين ذكر الأنفال، وتعقيبه بالتقوى واصلاح ذات البين والطاعة، وتعليل ذلك بأن شأن المؤمنين هو إقبالهم على زيادة إيمانهم عند تلاوة آيات الله تعالى، وتلك هي التربية القرآنية التى أخذهم بها، وعلمهم فيها الأهم والمهم، والذى لا قيمة له، وأسباب النصر وضرائب التمكين، فما انتصروا بعد ذلك إلا بما تحقق فيهم من هذه الصفات.

{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}، وإن من أهم مقامات الدين التوكل على الله ..

وهي صفة ثالثة لـ {الْمُؤْمِنُونَ}، أو حال منه، وجعلت فعلاً مضارعاً للدلالة على تجدد وتكرر ذلك منهم، في كل حين لا يفارقهم التوكل على الله حال دعوتهم وانفالهم وجهادهم وسائر شؤونهم؛ لأن كفايتهم بالله لا بالدنيا وأموالهم، وركونهم وتعلقهم بالله وما عنده لا بالزائل الفانى ولذلك فهو حسبهم كما قال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣].

ومناسبة التوكل بالذات للغرض، وهو ذكر الأنفال أن المؤمنين كما تعلموا أن يكون مقصدهم رضا ربهم وطاعته لا شيء غيره من أمور الدنيا وحظوظ النفس، فهم هنا ليتعلموا وليتربوا على أن التوكل على الله على لا الأنفال والغنائم وغيرها وهو المطلوب، وأن الاعتماد على شيء من ذلك ينافى هذا التوكل فلا يعتمد المرء على ماله ولا قوته ولا حسبه ولا نسبه ولا عقله، ولا جاهه وسلطانه، ولا على خلق يقومون بشيء له من ذلك: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: ٨١]، {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: ٥٨].

ومن ثم كان تقديم الجار والمجرور في قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢]، للاهتمام باسم الله تعالى وذكر الربوبية المضاف إلى ضميرهم لاظهار شرف ذلك، المحب لعباده عليه يكون تمام التوكل وفي الآية تعريض بالمشركين الذين يتوكلون على أصنامهم: {وَاتَّخَذُوا مِنْ

<<  <   >  >>