للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافِ الْأَصْلِ وَأَنَّ اللَّفْظَ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ كَانَ جَعْلُهُ حَقِيقَةً مُتَوَاطِئًا فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُشْتَرَكًا اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا بِحَيْثُ يَكُونُ حَقِيقَةً فِي خُصُوصِ هَذَا، أَوْ يَكُونُ مَجَازًا فِي أَحَدِهِمَا، فَإِنَّ الْمَجَازَ وَالِاشْتِرَاكَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، هَذَا إِنْ قُدِّرَ أَنَّ لَفْظَ الِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ اسْتُعْمِلَ فِي نُطْقِ اللَّهِ وَحَيَاتِهِ كَمَا يَزْعُمُ النَّصَارَى فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَفْظُ الِابْنِ، وَلَفَظُ رُوحِ الْقُدُسِ، وَأَرَادُوا بِهِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ لَا كَلَامِهِ وَلَا حَيَاتِهِ وَلَا عِلْمِهِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ لَمْ يُوجَدِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الِابْنِ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا فِي شَيْءٍ مَخْلُوقٍ، وَلَمْ يُوجَدِ اسْتِعْمَالُ رُوحِ الْقُدُسِ كَمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الْقَائِمَةِ بِهِ، وَنَحْنُ إِذَا فَسَّرْنَا الْأَبَ وَرُوحَ الْقُدُسِ بِبُنُوَّةِ التَّرْبِيَةِ، وَرُوحَ الْقُدُسِ بِمَا يَنْزِلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ كُنَّا قَدْ جَعَلْنَا اللَّفْظَ مُفْرَدًا مُتَوَاطِئًا وَهُمْ يَحْتَاجُونَ أَنْ يَجْعَلُوا اللَّفْظَ مُشْتَرَكًا أَوْ مَجَازًا فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَكَانَ تَفْسِيرُهُمْ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ اللُّغَةِ الَّتِي خُوطِبُوا بِهَا، وَلِظَاهِرِ الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ وَتَفْسِيرُنَا مُوَافِقًا لِظَاهِرِ لُغَتِهِمْ، وَظَاهِرِ الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَقَدَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ بِالتَّثْلِيثِ لَا حُجَّةٌ سَمْعِيَّةٌ وَلَا عَقْلِيَّةٌ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقْلًا.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهُ السَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّهُمْ فِي أَمَانَتِهِمْ أَثْبَتُوا مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>