للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ: النَّصَارَى بَدَّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الَّذِي يَدِينُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولٌ إِلَى الثَّقَلَيْنِ: الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ مُسْتَحِقٌّ لِعَذَابِ اللَّهِ مُسْتَحِقٌّ لِلْجِهَادِ، وَهُوَ مِمَّا أَجْمَعَ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِذَلِكَ، وَذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَبَيَّنَهُ الرَّسُولُ أَيْضًا فِي الْحِكْمَةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَلَمْ يَبْتَدِعِ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، كَمَا ابْتَدَعَتِ النَّصَارَى كَثِيرًا مِنْ دِينِهِمْ بَلْ أَكْثَرَ دِينِهِمْ.

وَبَدَّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ وَغَيَّرُوهُ ; وَلِهَذَا كَانَ كُفْرُ النَّصَارَى لَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ كُفْرِ الْيَهُودِ لَمَّا بُعِثَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ بَدَّلُوا شَرْعَ التَّوْرَاةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَسِيحِ، فَكَفَرُوا بِذَلِكَ، وَلَمَّا بُعِثَ الْمَسِيحُ إِلَيْهِمْ كَذَّبُوهُ فَصَارُوا كُفَّارًا بِتَبْدِيلِ مَعَانِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَأَحْكَامِهِ، وَبِتَكْذِيبِ الْكِتَابِ الثَّانِي.

وَكَذَلِكَ النَّصَارَى كَانُوا بَدَّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتَدَعُوا مِنَ التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ وَتَغْيِيرِ شَرَائِعِ الْإِنْجِيلِ أَشْيَاءَ لَمْ يُبْعَثْ بِهَا الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>