[فَصْلٌ: بَرَاهِينُ قُرْآنِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
وَالْقُرْآنُ - نَفْسُهُ - قَدْ بَيَّنَ مِنْ آيَاتِ نُبُوَّتِهِ وَبَرَاهِينِ رِسَالَتِهِ أَنْوَاعًا مُتَعَدِّدَةً مَعَ اشْتِمَالِ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ، مِثَالُ ذَلِكَ: إِخْبَارُهُ لِقَوْمِهِ بِالْغَيْبِ الْمَاضِي الَّذِي لَا يُمْكِنُ بَشَرًا أَنْ يَعْلَمَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، أَوْ يَكُونَ مِمَّنْ تَلَقَّاهُ عَنْ نَبِيٍّ، وَقَوْمُهُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْ ذَلِكَ مِنْ بَشَرٍ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَا غَيْرِهِمْ. وَهَذَا نَوْعَانِ:
مِنْهُ: مَا كَانَ يَسْأَلُهُ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ ; لِيَنْظُرَ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَمْ لَا؟
وَكَانَ قَوْمُهُ يُرْسِلُونَ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، الْبَعِيدِينَ عَنْهُمْ، مِثْلَ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، يَطْلُبُونَ مِنْهُمْ مَا يَسْأَلُونَهُ عَنْهُ، فَيُرْسِلُونَ إِلَيْهِمْ لِيَسْأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَمْتَحِنُونَ بِذَلِكَ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَمْ لَا؟
وَمِنْهُ: مَا كَانَ اللَّهُ يُخْبِرُهُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَيَجْعَلُهُ عِلْمًا وَآيَةً لِنُبُوَّتِهِ، وَبُرْهَانًا لِرِسَالَتِهِ، مَعَ مَا فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَصِ مِنَ الِاعْتِبَارِ لِأُمُورٍ أُخْرَى، فَكَانَ كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ دَلِيلًا وَعِبْرَةً عَلَى نُبُوَّتِهِ، مِنْ طَرِيقَيْنِ، فَكَانَ دَلِيلًا وَعِبْرَةً عَلَى نُبُوَّتِهِ مِنْ جِهَةِ إِخْبَارِهِ بِالْغَيْبِ، الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، وَكَانَتْ عِبْرَةً بِمَا فِيهَا مِنْ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ الَّتِي تُوجِبُ اتِّبَاعَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا مِثْلَهُ، وَتَجَنُّبَ سَبِيلِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ خَالَفُوا مِثْلَهُ، وَحُكْمُ الشَّيْءِ حُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute