كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية

فصل: مناقشتهم فيما نقلوه عن الأنبياء حول مجيء المسيح عليه السلام وبيان وجه الدلالة فيها - فصل: قول حبقوق النبي إن الله في الأرض يتراءى ويختلط مع الناس ويمشي معهم - ج: 3 - ص: 391

[فَصْلٌ: قَوْلُ حَبْقُوقَ النَّبِيِّ إِنَّ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ يَتَرَاءَى وَيَخْتَلِطُ مَعَ النَّاسِ وَيَمْشِي مَعَهُم]

قَالُوا: وَقَالَ: حَبْقُوقُ النَّبِيُّ: (إِنَّ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ يَتَرَاءَى، وَيَخْتَلِطُ مَعَ النَّاسِ، وَيَمْشِي مَعَهُم) .

وَقَالَ أَرْمِيَا النَّبِيُّ: (اللَّهُ بَعْدَ هَذَا فِي الْأَرْضِ يَظْهَرُ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ الْبَشَرِ، فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْأَرْبَابِ) .

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَثْبِيتِ نُبُوَّةِ هَذَيْنِ، وَإِلَى ثُبُوتِ النَّقْلِ عَنْهُمَا، وَثُبُوتِ التَّرْجَمَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُطَابِقَةِ، وَبَعْدَ هَذَا يَكُونُ حُكْمُ هَذَا الْكَلَامِ حُكْمَ نَظَائِرِهِ، فَفِي التَّوْرَاةِ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى - عَلَى أَنَّ اللَّهَ حَلَّ فِي مُوسَى، وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، بَلْ قَوْلُهُ: يَتَرَاءَى هُوَ - بِمَنْزِلَةِ يَتَجَلَّى وَيَظْهَرُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ تَجَلَّى، وَتَرَاءَى لِإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ