وَالضُّلَّالُ يَذْكُرُونَ آيَاتٍ تَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةُ مَعَانِيهَا، فَيَتَّبِعُونَ تَأْوِيلَهَا ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهَا، وَلَيْسُوا مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهَا مَعَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ مِنْ أَوْضَحِ الْآيَاتِ.
وَهَذَا الَّذِي سَلَكُوهُ فِي الْقُرْآنِ هُوَ نَظِيرُ مَا سَلَكُوهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّ فِيهَا مِنَ النُّصُوصِ الْكَثِيرَةِ الصَّرِيحَةِ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَعُبُودِيَّةِ الْمَسِيحِ مَا لَا يُحْصَى إِلَّا بِكُلْفَةٍ، وَفِيهَا كَلِمَاتٌ قَلِيلَةٌ فِيهَا اشْتِبَاهٌ، فَتَمَسَّكُوا بِالْقَلِيلِ الْمُتَشَابِهِ الْخَفِيِّ الْمُشْكِلِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَرَكُوا الْكَثِيرَ الْمُحْكَمَ الْمُبَيَّنَ الْوَاضِحَ، فَهُمْ سَلَكُوا فِي الْقُرْآنِ مَا سَلَكُوهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، لَكِنَّ تِلْكَ الْكُتُبَ يُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ أَصْحَابِهَا وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ فِيهِ مُضْطَرِبُونَ مُتَنَاقِضُونَ، فَأَيُّ قَوْلٍ قَالُوهُ فِيهِ ظَهَرَ فَسَادُهُ وَكَذِبُهُمْ فِيهِ إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِجَمِيعِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ.
[الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ مُتَنَاقِضٌ]
وَإِنْ قَالُوا: كَلَامُهُ مُتَنَاقِضٌ وَنَحْنُ نَحْتَجُّ بِمَا يُوَافِقُ قَوْلَنَا، إِذْ مَقْصُودُنَا بَيَانُ تَنَاقُضِهِ.
قِيلَ لَهُمْ عَنْ هَذَا أَجْوِبَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ مُتَعَارِضٌ أَضْعَافُ مَا فِي الْقُرْآنِ وَأَقْرَبُ إِلَى التَّنَاقُضِ، فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْكُتُبُ مُتَّفِقَةً لَا تَنَاقُضَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَظُنُّ تَنَاقُضَهَا مَنْ يَجْهَلُ مَعَانِيَهَا وَمُرَادَ الرُّسُلِ فَيَكُونُ كَمَا قِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute