[فَصْلٌ: إِثْبَاتُ الْفَضْلِ لِرَسُولِ اللَّهِ وَلِشَرِيعَتِهِ وَلِأُمَّتِهِ]
فَصْلٌ
قَدْ ذَكَرْنَا فِي جَوَابِ أَوَّلِ كِتَابِهِمْ بَيَانَ امْتِنَاعِ احْتِجَاجِهِمْ بِشَيْءٍ مِنْ كَلَامِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - عَلَى مَا يُخَالِفُ دِينَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِينِهِمْ. وَنَحْنُ نَبْسُطُ هَذَا هُنَا فَنَقُولُ: لَا رَيْبَ أَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ لَا عَقْلِيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ؛ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْخَبَرِيَّاتِ أَوِ الطَّلَبِيَّاتِ. فَإِنَّ الدَّلِيلَ الصَّحِيحَ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ، فَلَوْ قَامَ عَلَى الْبَاطِلِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا مَعَ كَوْنِهِ بَاطِلًا، وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ؛ مِثْلَ كَوْنِ الشَّيْءِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا.
وَأَهْلُ الْكِتَابِ مَعَهُمْ حَقٌّ فِي الْخَبَرِيَّاتِ وَالطَّلَبِيَّاتِ، وَمَعَهُمْ بَاطِلٌ، وَهُوَ مَا بَدَّلُوهُ فِي الْخَبَرِيَّاتِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُبَدَّلُ هُوَ اللَّفْظَ أَوْ مَعْنَاهُ وَمَا ابْتَدَعُوهُ أَوْ مَا نُسِخَ مِنَ الْعَمَلِيَّاتِ. وَالْمَنْسُوخُ الَّذِي تَنَوَّعَتْ فِيهِ الشَّرَائِعُ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْكُتُبُ وَالرُّسُلُ. فَإِنَّ الَّذِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي لَا بُدَّ لِلْخَلْقِ مِنْهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: ٦٩] ..
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute