[فَصْلٌ: جَلَاءُ آيَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَنَوُّعُهَا وَكَثْرَتُهَا]
وَلَمَّا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا إِلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ جِنِّهِمْ وَإِنْسُهِمْ، عَرَبِهِمْ وَعَجَمِهِمْ، وَهُوَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ - لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ - كَانَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمِنْ تَمَامِ حُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ تَكُونَ آيَاتُ نُبُوَّتِهِ وَبَرَاهِينُ رِسَالَتِهِ مَعْلُومَةً لِكُلِّ الْخَلْقِ الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ عَلَى نُبُوَّتِهِ، مَا لَيْسَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ.
وَكَانَ يُظْهِرُ لِكُلِّ قَوْمٍ مِنَ الْآيَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَالْأُفُقِيَّةِ مَا يُبَيِّنُ بِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: ٥٢] .
أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ سَيُرِي عِبَادَهُ الْآيَاتِ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَفِي الْآفَاقِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَيْهِ ; إِذْ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute