للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ: تَفْسِيرُهُمْ لِتَجَسُّمِ كَلِمَةِ اللَّهِ بِالْمَسِيحِ وَأَنَّهُ اتِّحَادٌ بَرِيءٌ مِنَ الِاخْتِلَاطِ وَنَحْوِهِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ]

قَالُوا: وَأَمَّا تَجَسُّمُ كَلِمَةِ اللَّهِ الْخَالِقَةِ الَّتِي بِهَا خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَتَجَسُّدُهَا بِإِنْسَانٍ مَخْلُوقٍ، وَهُوَ الَّذِي أُخِذَ مِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْمُصْطَفَاةِ، الَّتِي فُضِّلَتْ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَاتَّحَدَتِ الْكَلِمَةُ بِهِ اتِّحَادًا بَرِيًّا مِنَ اخْتِلَاطٍ أَوْ تَغَيُّرٍ أَوِ اسْتِحَالَةٍ، وَخَاطَبَ النَّاسَ كَمَا خَاطَبَ اللَّهُ مُوسَى النَّبِيَّ مِنَ الْعَوْسَجَةِ، فَفَعَلَ الْمُعْجِزَ بِلَاهُوتِهِ، وَأَظْهَرَ الْعَجْزَ بِنَاسُوتِهِ، وَالْفِعْلَانِ هُمَا مِنَ الْمَسِيحِ الْوَاحِدِ

وَالْجَوَابُ: إِنَّ فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ وَالْكُفْرِ وَالتَّنَاقُضِ أُمُورًا كَثِيرَةً، وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِوُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُمْ: كَلِمَةُ اللَّهِ الْخَالِقَةُ الَّتِي بِهَا خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ، فَإِنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْإِلَهُ الْخَالِقُ، وَهُوَ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِكَلَامِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: كُنْ، فَالْخَالِقُ لَمْ يَخْلُقْ بِهِ الْأَشْيَاءَ، بَلْ هُوَ خَلَقَهَا، وَالْكَلَامُ الَّذِي بِهِ خُلِقَتِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَ هُوَ الْخَالِقَ لَهَا، بَلْ خَلَقَ الْخَالِقُ الْأَشْيَاءَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَبَيْنَ مَا بِهِ خَلْقُ الْخَالِقِ مَعْقُولٌ.

وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْخَالِقَ هُوَ الَّذِيْ بِهِ خُلِقَتِ الْمَخْلُوقَاتُ، فَجَعَلُوا الْكَلِمَةَ هِيَ الْخَالِقَ، وَجَعَلُوا الْمَخْلُوقَاتِ خُلِقَتْ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>