وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ الْكَلِمَةَ إِنْ كَانَتْ مُجَرَّدَ الصِّفَةِ، فَإِنَّ الصِّفَةَ لَيْسَتْ خَالِقَةً، وَإِنْ كَانَتِ الصِّفَةُ مَعَ الْمَوْصُوفِ فَهَذَا هُوَ الْخَالِقُ، لَيْسَ هَذَا هُوَ الْمَخْلُوقَ بِهِ
وَالثَّانِيْ: قَوْلُهُمْ: تَجَسُّدُهَا بِإِنْسَانٍ مَخْلُوقٍ وَقَوْلُهُمْ: تَجَسُّمُ كَلِمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ تَجَسَّمَتْ وَتَجَسَّدَتْ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلِمَةَ صَارَتْ جَسَدًا وَجِسْمًا بِالْإِنْسَانِ الْمَخْلُوقِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْقِلَابَهَا جَسَدًا وَجِسْمًا، وَهَذَا يَقْتَضِي اسْتِحَالَتَهَا وَتَغَيُّرَهَا، وَهُمْ قَالُوا: اتِّحَادًا بَرِيًّا مِنْ تَغَيُّرٍ وَاسْتِحَالَةٍ.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُمْ: اتَّحَدَتِ الْكَلِمَةُ بِهِ اتِّحَادًا بَرِيًّا مِنِ اخْتِلَاطٍ أَوْ تَغَيُّرٍ أَوِ اسْتِحَالَةٍ، كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ أَيْضًا، فَإِنَّ الِاتِّحَادَ يُصَيِّرُ الِاثْنَيْنِ وَاحِدًا، فَيُقَالُ قَبْلَ الِاتِّحَادِ: كَانَ اللَّاهُوتُ جَوْهَرًا وَالنَّاسُوتُ جَوْهَرًا آخَرَ.
وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: كَانَ هَذَا شَيْئًا وَهَذَا شَيْئًا، أَوْ هَذَا عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، وَهَذَا عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، فَبَعْدَ الِاتِّحَادِ إِمَّا أَنْ يَكُونَا اثْنَيْنِ كَمَا كَانَا أَوْ صَارَ الِاثْنَانِ وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ كَمَا كَانَا فَلَا اتِّحَادَ، بَلْ هُمَا مُتَعَدِّدَانِ كَمَا كَانَا مُتَعَدِّدَيْنِ، وَإِنْ كَانَا قَدْ صَارَا شَيْئًا وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَاحِدُ هُوَ أَحَدَهُمَا، فَالْآخَرُ قَدْ عُدِمَ وَهَذَا عَدَمٌ لِأَحَدِهِمَا لَا اتِّحَادُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَارَ وَاحِدًا لَيْسَ هُوَ أَحَدَهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيرِهِمَا وَاسْتِحَالَتِهِمَا، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَا بَعْدَ الِاتِّحَادِ اثْنَيْنِ بَاقِيَيْنِ بِصِفَاتِهِمَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اتِّحَادٌ.
فَإِذَا قِيلَ: اتَّحَدَ اتِّحَادًا بَرِيًّا مِنِ اخْتِلَاطٍ أَوْ تَغَيُّرٍ أَوِ اسْتِحَالَةٍ، كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute