للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ: بَيَانُ فَسَادِ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ]

وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَسَادُ قَوْلِهِمْ: فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: وَقَالَ: فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: ٢١٣] قَالُوا: فَأَعْنِي بِقَوْلِهِ: أَنْبِيَاءَهُ الْمُبَشِّرِينَ وَرُسُلَهُ يَنْحُو بِذَلِكَ عَنِ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ دَارُوا فِي سَبْعَةِ أَقَالِيمِ الْعَالَمِ وَبَشَّرُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي هُوَ الْإِنْجِيلُ الطَّاهِرُ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَعْنِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَدَاوُدَ وَمُحَمَّدٍ لَكَانَ قَالَ: وَمَعَهُمُ الْكُتُبُ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَاءَ بِكِتَابٍ دُونَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا الْكِتَابَ الْوَاحِدَ ; لِأَنَّهُ مَا أُتِيَ جَمَاعَةٌ مُبَشِّرِينَ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ غَيْرَ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ أُتُوا بِالْإِنْجِيلِ الطَّاهِرِ.

فَيُقَالُ: لَهُمْ: قَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا التَّفْسِيرِ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ - تَعَالَى -: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: ٢١٣] أَيْ فَاخْتَلَفُوا. {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: ٢١٣] .

وَالْحَوَارِيُّونَ لَيْسُوا مِنَ النَّبِيِّينَ وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ أَرْسَلَهُمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِرْسَالِهِ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ كَمَنْ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُمَا وَلِهَذَا تُسَمِّيهِمْ عَامَّةُ النَّصَارَى رُسُلًا وَلَا يُسَمُّونَهُمْ أَنْبِيَاءً.

<<  <  ج: ص:  >  >>