[فَصْلٌ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى الْعَرَبِ] [إِنْ أَقَرُّوا بِرِسَالَتِهِ إِلَى الْعَرَبِ]
هَذَا الْكَلَامُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى الْعَرَبِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ نَقُولَ: هُوَ ذَكَرَ أَنَّهُ رَسُولٌ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا} [سبأ: ٢٨] .
وَقَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ١٥٨] .
وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِدَعْوَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبِدَعْوَةِ الْجِنِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَإِذَا سَلَّمُوا أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ وَلَكِنْ كَذَّبُوهُ فِي ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يُقِرُّوا بِرِسَالَتِهِ إِلَى الْعَرَبِ، أَوْ لَا يُقِرُّوا.
فَإِنْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُ رَسُولٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ، لَمْ يُمْكِنْ مَعَ ذَلِكَ تَكْذِيبُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ يَجِبُ الْإِقْرَارُ بِرِسَالَتِهِ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ أَفْضَلِ الْخَلْقِ وَأَصْدَقِهِمْ، أَوْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ وَأَكْذَبِهِمْ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِهِمْ وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute