[فَصْلٌ: الْجَوَابُ عَنْ شُبْهَةِ النَّصَارَى فِي إِقْرَارِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصِّفَاتِ وَأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ]
قَالَ الْحَاكِي عَنْهُمْ: فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَنَا: إِذَا كَانَ اعْتِقَادُكُمْ فِي الْبَارِي - تَعَالَى - أَنَّهُ وَاحِدٌ، فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ تَقُولُوا: أَبٌ وَابْنٌ وَرُوحُ قُدُسٍ، فَتُوهِمُونَ السَّامِعِينَ أَنَّكُمْ تَعْتَقِدُونَ فِي اللَّهِ ثَلَاثَةَ أَشْخَاصٍ مُرَكَّبَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ آلِهَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَنَّ لَهُ ابْنًا، وَيَظُنُّ مَنْ لَا يَعْرِفُ اعْتِقَادَكُمْ أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ بِذَلِكَ ابْنَ الْمُبَاضَعَةِ وَالتَّنَاسُلِ، فَتُطْرِقُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ تُهْمَةً أَنْتُمْ مِنْهَا بَرِيئُونَ؟
قَالُوا: وَهُمْ أَيْضًا، لَمَّا كَانَ اعْتِقَادُهُمْ فِي الْبَارِي جَلَّتْ عَظَمَتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ ذِي جِسْمٍ، وَغَيْرُ ذِي جَوَارِحَ وَأَعْضَاءٍ، وَغَيْرُ مَحْصُورٍ فِي مَكَانٍ، فَمَا حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ لَهُ عَيْنَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَيَدَيْنِ يَبْسُطُهُمَا، وَسَاقًا، وَوَجْهًا يُوَلِّيهِ إِلَى كُلِّ مَكَانٍ، وَجَنْبًا، وَأَنَّهُ يَأْتِي فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، فَيُوهِمُونَ السَّامِعِينَ أَنَّ اللَّهَ ذُو جِسْمٍ وَذُو أَعْضَاءٍ وَجَوَارِحَ، وَأَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، فَيَظُنُّ مَنْ لَا يَعْرِفُ اعْتِقَادَهُمْ أَنَّهُمْ يُجَسِّمُونَ الْبَارِيَ، حَتَّى إِنَّ قَوْمًا مِنْهُمُ اعْتَقَدُوا ذَلِكَ وَاتَّخَذُوهُ مَذْهَبًا، وَمَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ اعْتِقَادَهُمْ يَتَّهِمُهُمْ بِمَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute