للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ أَنْتُمْ أَوْ غَيْرُكُمْ، فَهِمْتُمُوهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ الْعَقْلِ، لَمْ نَجْزِمْ بِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ يَتَصَوَّرُ مَا قَالَ، بَلْ قَدْ يَكُونُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا لَمْ يُرِيدُوهُ.

فَكَيْفَ إِذَا كَانَ هُوَ نَفْسُهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ مَا قَالَ؟ بَلْ هُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ لَهُ، وَهُوَ لَا يَفْهَمُهُ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الَّذِي قَالَهُ مَعْلُومَ الْفَسَادِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ؟

فَهَذِهِ ثَلَاثُ مُقَدِّمَاتٍ لَوْ فَهِمَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي فَهِمْتُ كَلَامَهُ، لَمْ يَكُنْ فَهْمُهُ حُجَّةً.

فَكَيْفَ إِذَا قَالَ: إِنِّي لَمْ أَفْهَمْهُ، وَإِنَّ هَذَا فَوْقَ طَوْرِ الْعَقْلِ؟

وَلَوْ قَالَ هَذَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ حُجَّةً، وَلَمْ يَجِبْ تَصْدِيقُهُ مِنْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَنَوْا بِكَلَامِهِمُ الْمَعْنَى الَّذِي اعْتَرَفَ أَنَّهُ فَوْقَ طَوْرِ الْعَقْلِ، فَكَيْفَ إِذَا عُرِفَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى بَاطِلٌ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَهُ عَاقِلٌ لَا نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُ نَبِيٍّ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>