للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ: مُتَابَعَةٌ لِكَلَامِ ابْنِ الْبِطْرِيقِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ]

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْبِطْرِيقِ: وَلَيْسَ حُلُولُ كَلِمَةِ اللَّهِ الْخَالِقَةِ وَالْتِحَامُهَا بِجَوْهَرِ النَّاسُوتِ - عَنِ انْتِقَالٍ وَلَا تَغَيُّرٍ وَلَا احْتِيَالٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنَ الَجْوَهَرَيْنِ عَنْ كَثَافَةٍ، فَلَا الْإِلَهِيُّ احْتَالَ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا خَالِقًا، وَلَا النَّاسِيُّ احْتَالَ عَنْ أَنْ يَكُونَ نَاسِيًّا مَخْلُوقًا.

وَالِاحْتِيَالُ وَالتَّغَيُّرُ، إِنَّمَا يَلْزَمُ الْخُلْطَةَ إِذَا كَانَتْ مِنْ خَلْقَيْنِ ثَقِيلَيْنِ غَلِيظَيْنِ، مِثْلَ الْمَاءِ وَالْخَمْرِ، أَوِ الْمَاءِ وَالْعَسَلِ، أَوِ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ، وَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ كُلَّهُ ثَقِيلٌ غَلِيظٌ، وَكُلُّ ثِقَلٍ تُخَالِطُهُ ثِقْلَةٌ - لَا مَحَالَةَ - يَلْزَمُهُ التَّغَيُّرُ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْأَثْقَالُ، فَلَا الْخَمْرُ خَمْرًا، وَلَا الْمَاءُ مَاءً بَعْدَ اخْتِلَاطِهِمَا، وَلَكِنَّهُمَا احْتَالَا جَمِيعًا عَنْ جَوْهَرِهِمَا، فَصَارَ إِلَى أَمْرٍ مُتَغَيِّرٍ لَيْسَ هُوَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ، وَلَا أَحَدُهُمَا خَالِصٌ مِنَ الْفَسَادِ وَالِاحْتِيَالِ عَنْ حَالِهِ.

فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْخُلْطَةُ مِنْ خَلْقٍ لَطِيفٍ وَخَلْقٍ غَلِيظٍ، لَمْ يُخَالِطْ تِلْكَ الْخُلْطَةَ تَغَيُّرٌ وَلَا احْتِيَالٌ، مِثْلَ خُلْطَةِ النَّفْسِ وَالْجَسَدِ إِنْسَانًا وَاحِدًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>