للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ: بَيَانُ تَنَاقُضِ قَوْلِ النَّصَارَى فِي عَقِيدَةِ إِيمَانِهِم]

وَقَوْلُهُم: فَالْإِلَهُ وَاحِدٌ، خَالِقٌ وَاحِدٌ، رَبٌّ وَاحِدٌ.

هُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ، لَكِنْ قَدْ نَقَضُوهُ بِقَوْلِهِمْ فِي عَقِيدَةِ إِيمَانِهِم: (نُؤْمِنُ بِرَبٍّ وَاحِدٍ، يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ، إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، مِنْ جَوْهَرِ أَبِيهِ، مُسَاوٍ الْأَبَ فِي الْجَوْهَرِ) فَأَثْبَتُوا هُنَا إِلَهَيْنِ، ثُمَّ أَثْبَتُوا رُوحَ الْقُدُسِ إِلَهًا ثَالِثًا، وَقَالُوا إِنَّهُ مَسْجُودٌ لَهُ، فَصَارُوا يُثْبِتُونَ ثَلَاثَةَ آلِهَةٍ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا نُثْبِتُ إِلَهًا وَاحِدًا، وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ، وَجَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ.

وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ: إِنَّ عَامَّةَ مَقَالَاتِ النَّاسِ يُمْكِنُ تَصَوُّرُهَا إِلَّا مَقَالَةَ النَّصَارَى، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ وَضَعُوهَا لَمْ يَتَصَوَّرُوا مَا قَالُوا، بَلْ تَكَلَّمُوا بِجَهْلٍ، وَجَمَعُوا فِي كَلَامِهِمْ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُم: لَوِ اجْتَمَعَ عَشْرَةُ نَصَارَى لَتَفَرَّقُوا عَنْ أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا، وَقَالَ آخَرُ: لَوْ سَأَلْتَ بَعْضَ النَّصَارَى وَامْرَأَتَهُ وَابْنَهُ عَنْ تَوْحِيدِهِمْ لَقَالَ الرَّجُلُ قَوْلًا، وَامْرَأَتُهُ قَوْلًا آخَرَ، وَابْنُهُ قَوْلًا ثَالِثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>