للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ: بَيَانُ اضْطِرَابِ كَلَامِ النَّصَارَى وَتَفَرُّقِهِمْ فِي بَابِ طَبِيعَةِ الْمَسِيحِ]

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: وَعَلَى هَذَا الْمِثَالِ نَقُولُ: فِي السَّيِّدِ الْمَسِيحِ طَبِيعَتَانِ:

طَبِيعَةٌ لَاهُوتِيَّةٌ: الَّتِي هِيَ طَبِيعَةُ كَلِمَةِ اللَّهِ وَرُوحِهِ.

وَطَبِيعَةٌ نَاسُوتِيَّةٌ: الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءَ وَاتَّحَدَتْ بِهِ.

فَيُقَالُ لَهُمْ: كَلَامُ النَّصَارَى فِي هَذَا الْبَابِ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلِفٌ مُتَنَاقِضٌ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَلَا قَوْلٌ مَعْقُولٌ، وَلَا قَوْلٌ دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابٌ، بَلْ هُمْ فِيهِ فِرَقٌ وَطَوَائِفُ كُلُّ فِرْقَةٍ تُكَفِّرُ الْأُخْرَى، كَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالْمَلِكَانِيَّةِ وَالنَّسْطُورِيَّةِ، وَنَقْلُ الْأَقْوَالِ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبَةٌ، كَثِيرَةُ الِاخْتِلَافِ.

وَلِهَذَا يُقَالُ: لَوِ اجْتَمَعَ عَشْرَةُ نَصَارَى لَتَفَرَّقُوا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا، وَذَلِكَ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ اعْتِقَادِهِمْ مِنَ التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أَمَانَتِهِمْ، لَمْ يَنْطِقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يُوجَدُ لَا فِي كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>