للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعِلَّةَ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا، أَنَّ اللَّهَ لَهُ عَيْنَانِ وَيَدَانِ وَوَجْهٌ وَسَاقٌ وَجَنْبٌ، وَأَنَّهُ يَأْتِي فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، فَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ نَطَقَ بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَكُلُّ مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ لَهُ عَيْنَانِ وَيَدَانِ وَوَجْهٌ وَجَنْبٌ وَجَوَارِحُ وَأَعْضَاءٌ، وَأَنَّ ذَاتَهُ تَنْتَقِلُ، فَهُمْ يَلْعَنُونَهُ وَيُكَفِّرُونَهُ، فَإِذَا كَفَّرُوا مَنْ يَعْتَقِدُ هَذَا، فَلَيْسَ لِمُخَالِفِيهِمْ أَنْ يُلْزِمُوهُمْ هَذَا بَعْدَ أَنْ لَا يَعْتَقِدُوهُ.

قَالُوا: وَكَذَلِكَ نَحْنُ أَيْضًا النَّصَارَى، الْعِلَّةُ فِي قَوْلِنَا: إِنَّ اللَّهَ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ: أَبٌ، وَابْنٌ، وَرُوحُ قُدُسٍ، أَنَّ الْإِنْجِيلَ نَطَقَ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَقَانِيمِ: غَيْرُ الْأَشْخَاصِ الْمُرَكَّبَةِ وَالْأَجْزَاءِ وَالْأَبْعَاضِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الشِّرْكَ وَالتَّكْثِيرَ، وَبِالْأَبِ وَالِابْنِ غَيْرُ أُبُوَّةِ وَبُنُوَّةِ نِكَاحٍ أَوْ تَنَاسُلٍ، أَوْ جِمَاعٍ أَوْ مُبَاضَعَةٍ.

وَكُلُّ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَانِيمَ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ مُخْتَلِفَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ مُتَّفِقَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَجْسَامٍ مُؤَلَّفَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ مُرَكَّبَةٍ، أَوْ أَعْرَاضٌ، أَوْ قُوًى، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ وَالتَّكْثِيرَ وَالتَّبْعِيضَ وَالتَّشْبِيهَ، أَوْ بُنُوَّةُ نِكَاحٍ، أَوْ تَنَاسُلٍ، أَوْ مُبَاضَعَةٍ، أَوْ جِمَاعٍ، أَوْ وِلَادَةُ زَوْجَةٍ، أَوْ مِنْ بَعْضِ الْأَجْسَامِ، أَوْ مِنْ بَعْضِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ مِنْ بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ، فَنَحْنُ نَلْعَنُهُ وَنُكَفِّرُهُ وَنُجَرِّمُهُ.

وَإِذَا لَعَنَّا أَوْ كَفَّرْنَا مَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لِمُخَالِفِينَا أَنْ يُلْزِمُونَا بَعْدَ أَنْ لَا نَعْتَقِدَهُ، وَإِنْ أَلْزَمُونَا الشِّرْكَ وَالتَّشْبِيهَ لِأَجْلِ قَوْلِنَا: أَبٌ وَابْنٌ وَرُوحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>