قُدُسٍ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّكْثِيرَ وَالتَّشْبِيهَ، أَلْزَمْنَاهُمْ أَيْضًا - نَحْنُ - التَّجْسِيمَ وَالتَّشْبِيهَ لِقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ لَهُ عَيْنَانِ وَيَدَانِ وَوَجْهٌ وَسَاقٌ وَجَنْبٌ، وَأَنَّ ذَاتَهُ تَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مِنْ بَعْدِ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ التَّجْسِيمَ وَالتَّشْبِيهَ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: مَنْ آمَنَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَقَالَ مَا قَالُوهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ لِلَفْظِهِ وَلَا مَعْنَاهُ، فَهَذَا لَا إِنْكَارَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَنِ ابْتَدَعَ أَقْوَالًا لَمْ تَقُلْهَا الرُّسُلُ، بَلْ هِيَ تُخَالِفُ مَا قَالُوهُ، وَحَرَّفَ مَا قَالُوهُ، إِمَّا لَفْظًا وَمَعْنًى، وَإِمَّا مَعْنًى فَقَطْ، فَهَذَا يَسْتَحِقُّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الطَّوَائِفِ.
وَأَصْلُ دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَصِفُونَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كُتُبِهِ، وَبِمَا وَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، بَلْ يُثْبِتُونَ لَهُ - تَعَالَى - مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَيَنْفُونَ عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَتَّبِعُونَ فِي ذَلِكَ أَقْوَالَ رُسُلِهِ، وَيَجْتَنِبُونَ مَا خَالَفَ أَقْوَالَ الرُّسُلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: ١٨٠] أَيْ عَمَّا يَصِفُهُ الْكُفَّارُ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ. {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٨١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute