للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ يُحْكَى عَنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، مِنْ أُمُورٍ لَيْسَتْ مِنْ شَرْعِ اللَّهِ، فَيُصَدِّقُ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَتَصِيرُ فِتْنَةً لِطَائِفَتَيْنِ مُصَدِّقَتَيْنِ بِهَا.

طَائِفَةٍ تَقْدَحُ فِي ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ بِمَا هُوَ مِنْهُ بَرِيءٌ.

وَطَائِفَةٍ تَقُولُ: إِنَّهَا تَتْبَعُهُ فِيمَ يَقُولُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِمَّا يَحْكِيهِ أَهْلُ الْكِتَابِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ تَذْكُرُ عَنْهُمْ مَا يَقْدَحُ فِي نُبُوَّتِهِم.

وَالنَّصَارَى تَجْعَلُ ذَلِكَ قُدْوَةً لَهُمْ فِيمَا يَبْتَدِعُونَهُ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي وُصِفَ بِهِ الْمَسِيحُ إِمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ، أَوْ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ - مَوْجُودٌ مِثْلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمْ بِذَلِكَ لَاهُوتًا وَنَاسُوتًا، وَلَا اتَّحَدَ اللَّاهُوتُ بِالنَّاسُوتِ، وَلَا اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمْ بِذَلِكَ أَنْ يُعْبَدَ وَيُصَلَّى لَهُ وَيُسْجَدَ وَيُدْعَى كَمَا يُدْعَى اللَّهُ، وَيُضَافَ إِلَيْهِ مَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْخَلْقِ وَالْبَعْثِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَلَيْسَ لِلْمَسِيحِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ آيَةٌ خَارِقَةٌ إِلَّا وَلِغَيْرِهِ مِثْلُهَا وَأَعْظَمُ مِنْهَا، وَلَا قِيلَ فِيهِ كَلِمَةٌ، إِلَّا قِيلَ فِي غَيْرِهِ مِثْلُهَا وَأَعْظَمُ مِنْهَا، إِلَّا مَا خَصَّهُ فِيهِ الْقُرْآنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>