للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، كَانَ هَذَا بَاطِلًا فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ، وَلِهَذَا لَمْ يُجَوِّزْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ أَنْ يُقَالَ لِلتَّوْرَاةِ أَوِ الْإِنْجِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلْإِلَهِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَذَا الْكَلَامِ: اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي.

وَالْمَسِيحُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَكُمْ هُوَ الْإِلَهُ الْخَالِقُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، فَلَوْ كَانَ هُوَ نَفْسَ عِلْمِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا مَعْبُودًا فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ نَفْسَ عِلْمِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ، بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ بِكَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ؟

فَتَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلِمَاتِ اللَّهِ كَثِيرَةٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَفِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ كَالتَّوْرَاةِ أَنَّهُ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِكَلَامِهِ، وَكَانَ فِي أَوَّلِ التَّوْرَاةِ أَنَّهُ قَالَ: لِيَكُنْ كَذَا لِيَكُنْ كَذَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسِيحَ لَيْسَ هُوَ كَلِمَاتٍ كَثِيرَةً، بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ كَلِمَةً وَاحِدَةً، إِذْ هُوَ مَخْلُوقٌ بِكَلِمَةٍ مِنْ كَلِمَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّ أَمَانَتَكُمُ الَّتِي وَضَعَهَا أَكَابِرُكُمْ بِحَضْرَةِ قُسْطَنْطِينَ، وَهِيَ عَقِيدَةُ إِيمَانِكُمُ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا أَصْلَ دِينِكُمْ تُنَاقِضُ مَا تَدَّعُونَهُ مِنْ أَنَّ الْإِلَهَ وَاحِدٌ، وَتُبَيِّنُ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ لِمَنْ يُنَاظِرُكُمْ خِلَافَ مَا تَعْتَقِدُونَهُ.

وَهَذَانِ أَمْرَانِ مَعْرُوفَانِ فِي دِينِكُمْ تَنَاقُضُكُمْ وَإِظْهَارُكُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>