للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِكُفْرِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، وَبِأَنَّهُمْ يَصْلَوْنَ جَهَنَّمَ، وَسَاءَتْ مَصِيرًا، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِجِهَادِهِمْ، وَدَعَاهُمْ بِنَفْسِهِ وَنُوَّابِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَأْتِ إِلَيْنَا بَلْ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْعَرَبِ سَوَاءٌ أَرَادُوا أَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ إِلَى الْعَرَبِ، وَلَمْ يَبْعَثْهُ إِلَيْنَا، أَوْ أَرَادُوا أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى الْعَرَبِ لَا إِلَيْنَا ; فَإِنَّهُ قَدْ عَلِمَ جَمِيعُ الطَّوَائِفِ أَنَّ مُحَمَّدًا دَعَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى إِلَى الْإِيْمَانِ بِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ وَأَمَرَهُ بِجِهَادِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنْهُمْ فَإِذَا قِيلَ مَعَ هَذَا أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أُبْعَثْ إِلَّا إِلَى الْعَرَبِ، كَانَ كَاذِبًا كَذِبًا ظَاهِرًا عَلَيْهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْإِنْسَانُ أَوْ كَذَّبَهُ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا أَنَّهُ نَفْسَهُ دَعَا جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى الْإِيْمَانِ بِهِ، فَدَعَا أَهْلَ الْكِتَابِ كَمَا دَعَا الْأُمِّيِّينَ.

أَمَّا الْيَهُودُ: فَإِنَّهُمْ كَانُوا جِيرَانَهُ فِي الْحِجَازِ بِالْمَدِينَةِ، وَمَا حَوْلَهَا، وَخَيْبَرَ، فَإِنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ كُلَّهُمْ آمَنُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَلَا قِتَالٍ، بَلْ لَمَّا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ بَرَاهِينِ نُبُوَّتِهِ، وَدَلَائِلِ صِدْقِهِ آمَنُوا بِهِ، وَقَدْ حَصَلَ مِنَ الْأَذَى فِي اللَّهِ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي السِّيرَةِ، وَقَدْ آمَنَ بِهِ فِي حَيَاتِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَعْضُهُمْ بِمَكَّةَ وَبَعْضُهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَكَثِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>