للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الرُّوحُ هُوَ الرَّسُولُ كَمَا قَالَ: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: ١٩] .

وَنُفِخَ فِيهَا مِنْ هَذَا الرُّوحِ فَكَانَ الْمَسِيحُ مَخْلُوقًا مِنْ هَذَا الرُّوحِ، وَمِنْ أُمِّهِ مَرْيَمَ كَمَا قَالُوا فِي الْأَمَانَةِ: إِنَّهُ تَجَسَّدَ مِن مَرْيَمَ، وَمِنْ رُوحِ الْقُدُسِ، لَكِنِ اعْتَقَدُوا أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ الَّتِي خُلِقَ الْمَسِيحُ مِنْهَا وَمِن مَرْيَمَ هِيَ حَيَاةُ اللَّهِ، وَهَذَا لَيْسَ فِي الْكُتُبِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، بَلِ الْكُتُبُ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي نَقِيضِ هَذَا، وَهُوَ أَيْضًا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْمُتَّحِدَ بِالْمَسِيحِ هُوَ أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ، وَهُوَ الْعِلْمُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَجَسَّدَ مِن مَرْيَمَ، وَأُقْنُومُ الْكَلِمَةِ لَمْ يَكُنْ مُتَجَسِّدًا مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْكَلِمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا جَمِيعًا كَانَ الْمَسِيحُ أُقْنُومَيْنِ: أُقْنُومَ الْكَلِمَةِ وَأُقْنُومَ الرُّوحِ.

وَالنَّصَارَى بِفِرَقِهِمُ الثَّلَاثَةِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّمَا الْمُتَّحِدُ بِهِ أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ لَا أُقْنُومُ الْحَيَاةِ، فَتَبَيَّنَ تَنَاقُضُهُمْ فِي أَمَانَتِهِم، وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُمْ فِيمَا فَسَّرُوا بِهِ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ.

وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ثَبَتَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ فَهُوَ حَقٌّ مُوَافِقٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا يُنَاقِضُ شَيْئًا مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُنَاقِضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>