للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهَا، فَعُلِمَ أَنَّ رُوحَهُ مَخْلُوقٌ مَمْلُوكٌ لَهُ، لَيْسَ الْمُرَادُ حَيَاتَهُ الَّتِي هِيَ صِفَتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:

{فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: ٩١] .

وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩] .

وَقَدْ شُبِّهَ الْمَسِيحُ بِآدَمَ فِي قَوْلِهِ:

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٥٩] .

وَالشُّبْهَةُ فِي هَذَا نَشَأَتْ عِنْدَ بَعْضِ الْجُهَّالِ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا قَالَ: رُوحِي، فَرُوحُهُ فِي هَذَا الْبَابِ هِيَ الرُّوحُ الَّتِي فِي الْبَدَنِ، وَهِيَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْنِي بِهَا الْحَيَاةَ، وَالْإِنْسَانُ مُؤَلَّفٌ مِنْ بَدَنٍ وَرُوحٍ، وَهِيَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا عِنْدَ سَلَفِ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّتِهِمْ وَجَمَاهِيرِ الْأُمَمِ.

وَالرَّبُّ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ هَذَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ مُرَكَّبًا مِنْ بَدَنٍ وَرُوحٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِرُوحِهِ مَا يُرِيدُ الْإِنْسَانُ بِقَوْلِهِ: رُوحِي، بَلْ تُضَافُ إِلَيْهِ مَلَائِكَتُهُ وَمَا يُنَزِّلُهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ مِنَ الْوَحْيِ وَالْهُدَى وَالتَّأْيِيدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>