للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَلُوهُ إِلَى الْكَلَامِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ اللَّازِمَةِ لَهُ، كَحَيَاتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، هَلْ هِيَ ذَاتِيَّةٌ أَوْ عَرَضِيَّةٌ؟

فَإِنْ قِيلَ: ذَاتِيَّةٌ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَجْزَاءٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ تَرَكَّبَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضِيَّةً لَازِمَةً لَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا وَفَاعِلًا، فَإِنَّ كَوْنَهُ فَاعِلًا غَيْرُ كَوْنِهِ قَابِلًا، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جِهَتَانِ، وَهَذَا مِنَ التَّرْكِيبِ الَّذِي زَعَمُوهُ مُنْتَفِيًا، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّرْكِيبَ، وَهُوَ التَّرْكِيبُ مِنَ الذَّاتِيَّاتِ، وَقَدْ بُيِّنَ فَسَادُ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

مِنْهَا: أَنَّ التَّرْكِيبَ الْمَعْقُولَ هُوَ تَرْكِيبُ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعَادِنِ مِنْ أَبْعَاضِهِ وَأَخْلَاطِهِ، وَتَرْكِيبُ الْمَبْنِيَّاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ مِنْ أَبْعَاضِهَا وَأَخْلَاطِهَا.

وَأَمَّا تَرْكِيبُ الْأَجْسَامِ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ أَوْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ فَهَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ، وَكَذَلِكَ تَرْكِيبُ الشَّيْءِ مِنَ الْمَوْجُودِ، وَالْمَاهِيَّةُ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ مُمْكِنًا هُوَ مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ، وَكَذَلِكَ تَرَكُّبُهُ مِنَ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُمَيَّزَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا: الْجِنْسَ، وَالْفَصْلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>