للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّفَاتِ مَا هُوَ مُنْبَثِقٌ لَكَانَ الصِّفَةَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الِابْنَ، وَيَقُولُونَ: هِيَ الْعِلْمُ وَالْكَلَامُ أَوِ النُّطْقُ وَالْحِكْمَةُ - أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ مُنْبَثِقَةً مِنَ الْحَيَاةِ الَّتِي هِيَ أَبْعَدُ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ.

وَقَدْ قَالُوا أَيْضًا: إِنَّهُ مَعَ الْأَبِ مَسْجُودٌ لَهُ وَمُمَجَّدٌ، وَالصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِالرَّبِّ لَيْسَتْ مَعَهُ مَسْجُودٌ لَهَا، وَقَالُوا: هُوَ نَاطِقٌ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَصِفَةُ الرَّبِّ الْقَائِمَةُ بِهِ لَا تُنْطَقُ فِي الْأَنْبِيَاءِ،، بَلْ هَذَا كُلُّهُ صِفَةُ رُوحِ الْقُدُسِ الَّذِي يَجْعَلُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ صِفَةُ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَجِبْرِيلَ، فَإِذَا كَانَ هَذَا مُنْبَثِقًا مِنَ الْأَبِ، وَالِانْبِثَاقُ الْخُرُوجُ، فَأَيُّ تَبْعِيضٍ وَتَجْزِئَةٍ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا.

وَإِذَا شَبَّهُوهُ بِانْبِثَاقِ الشُّعَاعِ مِنَ الشَّمْسِ كَانَ هَذَا بَاطِلًا مِنْ وُجُوهٍ:

مِنْهَا: أَنَّ الشُّعَاعَ عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْهَوَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَيْسَ جَوْهَرًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ حَيٌّ مَسْجُودٌ لَهُ، وَهُوَ جَوْهَرٌ.

وَمِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ الشُّعَاعَ الْقَائِمَ بِالْهَوَاءِ وَالْأَرْضِ لَيْسَ صِفَةً لِلشَّمْسِ، وَلَا قَائِمًا بِهَا، وَحَيَاةُ الرَّبِّ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الِانْبِثَاقَ خَصُّوا بِهِ رُوحَ الْقُدُسِ، وَلَمْ يَقُولُوا فِي الْكَلِمَةِ: إِنَّهَا مُنْبَثِقَةٌ.

وَالِانْبِثَاقُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ بِالْكَلِمَةِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْحَيَاةِ، وَكُلَّمَا تَدَبَّرَ الْعَاقِلُ كَلَامَهُمْ فِي الْأَمَانَةِ وَغَيْرِهَا وَجَدَ فِيهِ مِنَ التَّنَاقُضِ وَالْفَسَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>