للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِبَالِ فَارَانَ، وَكَمَا تَجَلَّى لِإِبْرَاهِيمَ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْرَاةِ، فَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَسِيحِ، بَلْ هُوَ لِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ لَهُ.

وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ ذَاتَ الرَّبِّ حَلَّتْ فِي الْمَسِيحِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ فَهَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَأَيْنَ دَلِيلُهُمْ عَلَى إِمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ وُقُوعِهِ؟ مَعَ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: هَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ، بَلْ هُوَ مُمْتَنِعٌ.

الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: قَوْلُهُم: فَكَلِمَةُ اللَّهِ الَّتِي بِهَا خُلِقَتِ اللَّطَائِفُ تَظْهَرُ فِي غَيْرِ كَثِيفٍ كُلًّا - كَلَامٌ بَاطِلٌ.

فَإِنَّ ظُهُورَ مَا يَظْهَرُ مِنَ الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ إِذَا أَمْكَنَ ظُهُورُهُ فَظُهُورُهُ فِي اللَّطِيفِ أَوْلَى مِنْ ظُهُورِهِ فِي الْكَثِيفِ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ بِالْوَحْيِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَتَتَلَقَّى كَلَامَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ، وَتَنْزِلُ بِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَيَكُونُ وُصُولُ كَلَامِ اللَّهِ إِلَى مَلَائِكَةٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْبَشَرِ وَهُمُ الْوَسَائِطُ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٥١]

<<  <  ج: ص:  >  >>