للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ مَعَ عِلْمِ الْعُقَلَاءِ أَنَّ نَفْسَ الْمَحْبُوبِ الْمُعَظَّمِ هُوَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَتْ ذَاتَهُ فِي عَيْنِ مُحِبِّهِ وَلَا فِي قَلْبِهِ، وَلَكِنْ قَدْ يَشْتَبِهُ هَذَا بِهَذَا حَتَّى يَظُنَّ الْغَالِطُونَ أَنَّ نَفْسَ الْمَحْبُوبِ الْمَعْبُودِ فِي ذَاتِ الْمُحِبِّ الْعَابِدِ.

وَلِذَلِكَ غَلِطَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّ ذَاتَ الْمَعْلُومِ الْمَعْقُولِ يَتَّحِدُ بِالْعَالِمِ الْعَاقِلِ، فَجَعَلُوا الْمَعْقُولَ وَالْعَقْلَ وَالْعَاقِلَ شَيْئًا وَاحِدًا، وَلَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ حُلُولِ مِثَالِ الْمَعْلُومِ، وَبَيْنَ حُلُولِ ذَاتِهِ، وَهَذَا يَكُونُ لِضَعْفِ الْعَقْلِ وَقُوَّةِ سُلْطَانِ الْمَحَبَّةِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَيَغِيبُ الْإِنْسَانُ بِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَبِمَحْبُوبِهِ عَنْ مَحَبَّتِهِ، وَبِمَشْهُودِهِ عَنْ شَهَادَتِهِ، وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، فَيَفْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ شُهُودِ الْعَبْدِ، لَا أَنَّهُ نَفْسَهُ يَعْدَمُ وَيَفْنَى فِي مَنْ لَمْ يَزَلْ فِي شُهُودِهِ، وَمِنْ هَذَا الْمَقَامِ إِذَا غَلِطَ قَدْ يَقُولُ مِثْلَ مَا يُحْكَى عَن أَبِي يَزِيدَ الْبَسْطَامِيِّ: سُبْحَانِي، أَوْ مَا فِي الْجُبَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>