لَمْ تُقَابِلْ إِلَّا الشَّمْسَ: مَا فِيهَا إِلَّا الشَّمْسُ، أَيْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا غَيْرُ الشَّمْسِ.
وَأَيْضًا فَلَفْظُ الْحُلُولِ يُرَادُ بِهِ حُلُولُ ذَاتِ الشَّيْءِ تَارَةً، وَحُلُولُ مَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَمِثَالِهِ الْعِلْمِيِّ تَارَةً كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَعِنْدَهُمْ فِي النُّبُوَّاتِ أَنَّ اللَّهَ حَلَّ فِي غَيْرِ الْمَسِيحِ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ ذَاتَ الرَّبِّ حَلَّتْ فِيهِ، بَلْ يُقَالُ فُلَانٌ سَاكِنٌ فِي قَلْبِي وَحَالٌّ فِي قَلْبِي وَهُوَ فِي سِرِّي، وَسُوَيْدَاءِ قَلْبِي، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا حَلَّ فِيهِ مِثَالُهُ الْعِلْمِيُّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكَانَ إِذَا خَلَا مِمَّنْ يَعْرِفُ اللَّهَ وَيَعْبُدُهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذِكْرُ اللَّهِ وَلَا حَلَّتْ فِيهِ عِبَادَتُهُ وَمَعْرِفَتُهُ، فَإِذَا صَارَ فِي الْمَكَانِ مَنْ يَعْرِفُ اللَّهَ وَيَعْبُدُهُ وَيَذْكُرُهُ ظَهَرَ فِيهِ ذِكْرُهُ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَحَلَّ فِيهِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَعِبَادَتُهُ وَذِكْرُهُ، وَهُوَ بَيْتُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ فِيهِ، وَهُوَ حَالٌّ فِيهِ.
كَمَا يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ فِي قُلُوبِ الْعَارِفِينَ، وَحَالٌّ فِيهِم، وَالْمُرَادُ بِهِ حُلُولُ مَعْرِفَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَوَاهِدُ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ الرَّبُّ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ نُورُهُ وَمَعْرِفَتُهُ، وَعُبِّرَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ حَالٌّ فِيهِمْ وَهُمْ حَالُّونَ فِي الْمَسْجِدِ - قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ فِي الْمَسْجِدِ، وَحَالٌّ فِيهِ، بِهَذَا الْمَعْنَى، كَمَا يُقَالُ: اللَّهُ فِي قَلْبِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، مَا عِنْدَهُ إِلَّا اللَّهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» .
وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ إِيضَاحًا مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مِنْ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute