للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّلَامُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُم، كَمَا ذَكَرُوهُ عَنِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَمْرِ التَّثْلِيثِ، فَإِنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُم، وَهَكَذَا تَأَمُّلُنَا عَامَّةَ مَا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَةِ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ إِذَا تُدُبِّرَ حَقَّ التَّدَبُّرِ وُجِدَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُم، فَإِنَّ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُدًى وَبَيَانٌ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِبَاطِلٍ.

فَمَنِ احْتَجَّ بِكَلَامِهِمْ عَلَى بَاطِلٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَبِينُ بِهِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ لَا الْبَاطِلَ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ النُّبُوَّةِ: (مِنْكَ يَخْرُجُ لِي رَئِيسٌ) ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا الَّذِي يَخْرُجُ هُوَ رَئِيسُ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ اللَّهَ، بَلْ هُوَ رَئِيسٌ لَهُ كَسَائِرِ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ لِلَّهِ، وَهُمُ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ الْمُطَاعُونَ مِثْلُ: دَاوُدَ، وَمُوسَى، وَغَيْرِهِمَا.

وَلِهَذَا قَالَ: (الَّذِي يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ) ، وَلَوْ كَانَ هُوَ، لَكَانَ هُوَ رَاعِيَ شَعْبِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَكُونَ الدُّنْيَا) فَهَذَا مِثْلُ «قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: " وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ " وَفِي لَفْظٍ: مَتَى كُتِبْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: " وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» "، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>